كتب فؤاد اللحام - تعيش الساحة السياسية الاسرائيلية حالة من الترقب والقلق قبل اربعه وعشرين ساعة على نشر تقرير لجنة فينوغراد التي حققت باخفاقات الحرب الاخيرة على لبنان.
وتباينت المواقف السياسية لدرجة التناقض فمنها من دعا صراحة الى استقالة اولمرت بوصفه المسؤول الاول عن اخفاقات الحرب ومنها من انبرى للدفاع عنه وتعداد مناقب سياسته الداخلية والامنية وتذكير الشارع الاسرائيلي بالهدوء الذي تعيشه الحدود مع لبنان منذ ما يقارب العام ونصف ونشر القوات الدولية والجيش اللبناني على طول الحدود من الجانب اللبناني بوصفها انجازات سياسية وامنية حققتها الحرب قد تعوض عما شهدته من اخفاقات ميدانية وتكتيكية .
وفي هذا الاطار دعا رئيس لجنة الخارجية والامن التابعه للكنيست تساحي هنغبي اولمرت الى استخلاص العبر من التقرير والقيام بالخطوة السياسية المطلوبة فيما بقيت الساحة تنتظر موقف حزب العمل ورئيسه اهود باراك الذي فضل حتى الان اضفاء نوع من الغموض على موقفه من البقاء في الحكومة او الانسحاب رغم الدعوات المتزايدة التي تنطلق من كبار قادة حزب العمل والداعية الى الانسحاب الفوري من الحكومة كما دعا داني ياتوم الذي هدد بالانسحاب من الحياة السياسية في حال بقي باراك متمسكا بالائتلاف مع اولمرت ولم ينفذ وعوده بالانسحاب من الحكومة فور صدور التقرير .
وحاولت الاحزاب الدينية والمتطرفة مثل حركة شاس ويسرائيل بيتنا استغلال ضائقة اولمرت الائتلافية ومحاولة اخضاعه لشروطها المتعلقة بالمفاوضات السياسية مع الفلسطينيين وجره نحو اليمين تحت تهديد تداعيات تقرير فينو غراد التي امتنعت حتى الان عن اصدار موقف واضح حول رؤيتها لمصير اولمرت السياسي وما سيؤول اليه ائتلافه الحاكم .
ويبقى مصير حكومة اولمرت حسب رأي الخبراء معلقا بايدي خصمه السياسي وشريكه في الائتلاف اهود باراك دون غيره ففي حال قرر باراك الانسحاب الفوري من الائتلاف الحاكم فان حكومة اولمرت لن تصمد اياما معدودة ولن يتبقى امام رئيسها سوى الدعوة لانتخابات مبكرة او مواجهة حجب الثقة في الكنيست وهو امر مهين بالنسبة لمعادلات السياسة الاسرائيلية الداخلية او التوجه نحو الاحزاب الدينية المتطرفه واقماة ائتلاف جديد وما يعنيه الامر من تكبيل وقيود على حركته السياسية خاصة نحو الفلسطينين.
ولم يسلم الجيش الاسرائيلي من التسيس والتجنيد لصالح هذا الطرف او ذاك فقد وقع اكثر من 85 ضابطا احتياطيا عريضة تؤيد بقاء اولمرت في رئاسة الحكومة وذلك ردا على رسالة سابقة رفعها العديد من ضباط الاحتياط تطالب اولمرت بالاستقالة الامر الذي اعتبر تسيسا للجيش وزجا له في المعركة السياسية الداخلية خاصة وان بعض الضباط اتهموا اولمرت بالوقوف شخصيا وراء عريضة التأييد .
وعجت شاشات التلفزة الاسرائيلية بالمحللين والساسة السابقين والحاليين الذين سارعوا لتحليل تداعيات التقرير على حكومة اولمرت والائتلاف الحكومي وتباينت وجهات نظرهم ما بين الداعين الى الاستقالة الفورية واحتفاظ اولمرت بمنصبه وصولا الى دعوات وسطية تناولت احتمال التوصل الى موعد متفق عليه لاجراء انتخابات مبكرة لا يتجاوز اذار عام 2009 ما يعني تنازل اولمرت عن عام كامل من ولايته القانونية .
وكان لعائلات الجنود الذين سقطوا خلال الحرب الاخيرة على لبنان رأيهم الخاص والداعي لاستقالة اولمرت واركان حكومته فور صدور التقرير احتراما للقتلى الذين سقطوا جراء قراراتهم الخاطئه خاصة العملية البرية التي جرى تنفيذها في وادي سلوقة قبيل وقف اطلاق النار بساعات .
وفي النهاية بقيت الساحة السياسية في حيرة وارباك وتنتظر قرار اولمرت الذي يحاول وبكل السبل منع اجراء انتخابات مبكرة مواصلا رسم ابتسامته العريضة التي يصعب تفسيرها او فهم مغزاها في مثل هذه الظروف حسب قول يوسي سريد